انتاج كتابي الأسرة السعيدة مدونة مدرستي
الاسرة السعيدة
كَانَ الأب رَجلا طَيّب القلب نبيل المشاعر، يَشتغل سَائقَ
حَافلات وكان لا يَعرف من دنيَاه سوَى عَمَله وبَيته وَ عَائلته. عَاشَ مَعَ زَوجَته القنوعة هَنيّا
رَضيّا وَ أنجَبَا خَمسَة أطفال لوّنا حياتهما بفيض من السعادة و الحبور. و كان
راضيا مبتهجا لأنّه يكدح من أجل أن يكون قادرا على الرجوع بقفّة ملآنة علبا و
قراطيس تملأ البطون الجياع و تسعد نفوسهم البريئة ...
و كانت الأمّ سعيدة راضية فهي تكدح في البيت منذ تباشير
الصبح الاولى الى ساعة متأخرة من الليل من أجل أن تجعله جنّة صغيرة مليئة بالدفء
اللذيذ و الرّاحة التامة و الترتيب المنظّم و الجمال المتألق و المائدة
العامرة بما لذ و طاب سعيا الى راحة عصافيرها الصغار.
و عــنـدما يـلـتـئـم الشمل في المساء و ينتهي الجميع من
العشاء ينكبّ الأطفال على دروسهم بإشراف الأمّ و الأب معا : هذا يستظهر قصيدة على
أمّه وهي تصحّح له الإلقاء و النّطق و ذاك ينجز تمرينا في الخط ّ رسمت الأمّ
حروفه الأولى بحبر أحمر جميل و تلك (اسمهان) تحلّ مشكلا حسابيّا بعد أن شرح
لها أبوها خطوطه الكبرى و سمير يلخّص قصّة طالعها هذا الأسبوع .
و عندما يدغدغ النوم أجفانهم و تثقل عيونهم ، يخلد كل
واحد الى فراشه الدافئ و تبقى الام مستيقظة كعادتها تكمل بعض شؤون المنزل و يتصفح
الاب جريدة ما شاء له ذلك ثم يطفئ النور و يعلو شخيره يمزق صمت الليل ...